نجوى مصطفى تكتب عن الأهلي وكأس العالم مع نصائح للمتعة الخالصة من بوابة مولانا

مرت سنوات كثيرة تبدو التواريخ بعيدة لكن لا يهم إذا كانت سنة أو عشرون عامًا، فالذكريات تبقى حية لتسكن الذاكرة، تنعش الروح في أوقات الحزن وتزرع الابتسامة في لحظات الضيق صحيح أن البعض قد ينظر إلى الذكريات كأنها مجرد «ريل» يظهر أو مقطع فيديو عن مجدٍ ماضي نأمل أن يتكرر دون أن يعرفوا الكواليس أو يشعروا بعمق اللحظة نفسها، لكن مجرد تكرارها يبعث في النفس سعادة لا توصف.

كم مرة استيقظنا في السابعة صباحًا لنشاهد مباراة، وكم شعرت بالحقد على الأولاد الذين هربوا من مدارسهم وجلسوا في المقاهي يشاهدون بحرية، لا يهم الأمر للبنات أيضًا ووسائلهم مختلفة، المهم هو الهدف نفسه، مشاهدة المباراة حتى لو تطلب الأمر الغياب عن المدرسة وابتكار أعذار، وحتى لو اضطررنا لنزع دفء غطائنا لمواجهة البرد والاستمتاع في آن واحد.

هذا زمن مضى وبقيت ذكرياته حيّة، حديثي الآن ليس عن نوستالجيا أول كأس عالم للأندية، ولا عن جوزيه وكتيبته أو أول فرحة عالمية، ولا عن الأسئلة التي كانت تحوم حول معنى بطولة كأس العالم للأندية ولماذا تقام في اليابان وفي توقيت غريب، تلك الأسئلة يمكن لـ«شات جي بي تي» أن يجيب عليها ويمكن لمقاطع يوتيوب أن تفي بالغرض، لكن كلامي موجه للأجيال الجديدة، للصغار الذين لم يعاصروا اللحظة الأولى أو الفرحة العالمية الأولى، هذا الحديث لهم وحدهم.

أقول لهؤلاء افرحوا واحتفظوا بذكرياتكم بكل الوسائل التي تملكونها والتي لم تكن متاحة لنا، لا تتكاسلوا ولا تفضلوا النوم مبكرًا، اسهروا لمشاهدة الأهلي في كأس العالم للأندية حتى لو كلفكم ذلك ساعات نوم أقل ومواجهة يوم عمل شاق، لا تهتموا بالسؤال هل الأمر يستحق، مع مرور الوقت ستدركون أن الأمر يستحق وأن هذه الذكريات هي ما ستتمنون لو تعود لتمنحوها وقتًا أطول وشعورًا أعمق وحبًا أكبر.

أدعوكم لحفظ أسماء اللاعبين جيدًا، ركزوا على المهارات التي تظهر هنا وهناك، لا تقتصروا على من يسجل الأهداف فقط بل تابعوا الهجمات منذ بدايتها كما حفظنا نحن أهداف مصر والبرازيل في المباراة التاريخية، نعرف كيف سدد شوقي وكيف فرح الحضري، هذا هو جيلنا وأنتم أمامكم جيل جديد فلا تستهينوا به ولا تقللوا من متعة ما تشاهدونه.

ولكي تستمتعوا أكثر، أنصحكم بعدم الانشغال بالنتائج أو من سيحرز الأهداف ومن سيتأهل إلى الدور التالي، لا تفكروا في الفرص الممكنة أو أسماء اللاعبين المنافسين، لا تقيموا من هو الصفقة الأفضل أو من يستحق أكثر، اهدأوا قليلاً وخففوا من توقعاتكم، ابتعدوا عن لغة الأرقام والبيانات، امنحوا عقولكم الكروية والتكتيكية استراحة، وامنحوا آراءكم في رؤساء الأندية عطلة، بدلًا من ذلك شاهدوا بقلوبكم واستمتعوا باللعبة بكل تفاصيلها، راقبوا الملعب لا لوحة النتائج، صدقوني لا شيء يُشوه ذكرياتكم المستقبلية أكثر من ذلك، بعد سنوات لن تتذكروا ثمن سيد معوض أو ما إذا كان فلافيو في أوج عطائه، بل ستتذكرون فقط شعوركم وفرحتكم.

وأخيرًا، ولأني لا أحب الإطالة في النصائح، أوجه كلامي للصغار الذين سيشاهدون الأهلي في نسخته الجديدة لأول مرة، لا تدعوا أي شيء يقلل من متعتكم، عيشوا التجربة حتى النهاية لتظل حاضرة في قلوبكم تحكوها لأجيال قادمة سترى الأهلي في بطولات أخرى لأول مرة، وامتنوا لناديكم الأهلي الذي نصنع معه ذكريات تصبح جزءًا من حياتنا، وهكذا لكل جيل نصيبه من الذكريات وعشق الأهلي.